بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله الكريم
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
إنّه لمن المذهل مشاهدة التسارع الشديد والتغير الطارئ على النزعات التصميمية في عالم الويب، وكيف تتقادم بعض النماذج بين عشيّة و ضحاها، سابقا كان الأسلوب السائد هو أسلوب المحاكاة الفيزيائي للأجسام “Skeuomorphisme” الذي تبنّته آبل باذئ الأمر، اليوم عالم الويب لا يتحدّث غير لغة التصميمات المسطّحة “Flat Design”، جمالية هذا الأسلوب و الذي قامت قوقل لاحقا “بدمقرطته” جعل منه وبلا منازع النزعة السائدة خلال هذه السنة 2013، وكما قد لا يكون مستبعدا فقد يأفل هذا الميول سريعا كسابقيه رغم الإنطباع الأوّلي لدى جمهور المصمّمين والاندفاع المبكّر نحو هذا الأسلوب من قبل شركات كبيرة وهو ما قد يعزز الثقة بأنّ هذا الأسلوب وجد ليدوم، فهو يعكس في نظر البعض فلسفة تبسيطية متكاملة و ليست مجرّد نزوة جمالية عابرة، نحاول من خلال هذا المقال التطرّق لبعض تفاصيل هذا التوجّه و دواعيه.
آبل قامت استوحت من هذه الفلسفة و قامت بعرضها بأسلوبها الخاص و بلمستها الجميلة، لكن وبشكل متسارع تم الإعراض عن هذا الأسلوب و أفل نجمه سريعا في أوساط المصمّمين وذلك لأمرين رئيسيين:
السؤال الملحّ حاليا كان: مالذي يضمن عدم اندثار هذا الأسلوب التصميمي كما اندثر سابقوه وبذلك الشكل الدراماتيكي؟ دعونا أوّلا نعرّف ماهية ‘النزعة’.
ربما الضمان الوحيد لاستمرارية هذا النزعة و إطالة امدها هو ارتباطها المباشر باستراتيجيات التطوير الحالية في عالم الويب وتناغمها مع متطلّبات السوق وبخاصة سهولة تجاوبها مع مختلف الشاشات.
مع ذلك فإنّ عملية التخطيط نفسها لشكل التصميم المسطّح تأخذ وقتا اطول، على أنّه وبمجرد الانتهاء من ذلك فلن يحتاج الأمر مهارات استثنائية بالنسبة للمنفّذ وقد يؤثّر هذا على شكل المجموعات والفرق التي تعمل على التصميمات حيث يمكن أن يتحوّل توزيع المهام إلى شكله الأفقي بدل العامودي.
تذكير: ماذا يكون التصميم المسطّح Flat؟
التصميم المسطح هو أسلوب تصميم تصويري يرافق تصاميم مواقع الأنترنت الحديثة، يتمثّل باستخدام تصاميم بسيطة خالية من مؤثّرات الأجسام ومن الـtextures. الألوان المستخدمة هي غالبا ألوان حيّة، بعض العناصر المتكرّرة تطبع هذا التوجّه مثل الأيقونات المرسومة بشكل مسطّح ومع تدرّجات لونية مهذّبة، وكذا الخطوط المستخدمة التي نادرا ما تكون ضمن الخطوط الافتراضية بالإضافة لعملية العنونة، والتي قد تأخد الخطوط فيها مقاسات كبيرة، هذا الاسلوب التصميمي النظيف والأنيق والذي يتحدّث عن نفسه ويمكن تمييزه بسهولة ليس في الواقع وليد اليوم بل سبق توظيف اجزاء هامّة منه سابقا، لذا كان التساؤل المنطقي: لما هذه الشعبية المفاجئة الآن؟انحسار التصميم المحاكي الخاص بآبل
آبل ومن خلال الطفرة المعلوماتية التي أحدثتها منتجاتها على غرار الأيفون و الأيباد وبالتصاميم التي كانت تعرضها ضمن نظام تشغيلها والبرامج والتطبيقات الملحقة بها باتت لدى العديد من روّاد هذا المجال القدوة والمثال الذي يحتذى به ، التصاميم تلك كانت تتضمن تدرجات لونية هادئة ملحقة بواجهة سلسلة تحاول محاكاة الأبعاد الحقيقة للأجسام بالإضافة لكونها ندّية للمستخدم (user friendly)، لدى أبل مفهوم الندّية يعني إتاحة واجهات حيّة تعكس وتحاكي الأبعاد الحقيقية للأجسام المعروضة في الشاشة، كان من الممتع لدى البعض مشاهدة صورة المكروفون، الزجاج والخلفيات المعدنية او تلك المصنوعة من الحطب بالشكل الملامس للواقع، أصوات سريعة تتبع بعض الأحداث كإرسال رسالة بريدية جديدة أو زيارة المتصفح، طبعا نتحدّث هنا بشكل مباشر عن فلسفة الـskeuomorphisme.آبل قامت استوحت من هذه الفلسفة و قامت بعرضها بأسلوبها الخاص و بلمستها الجميلة، لكن وبشكل متسارع تم الإعراض عن هذا الأسلوب و أفل نجمه سريعا في أوساط المصمّمين وذلك لأمرين رئيسيين:
- التوجه الجديد نحو الـresponsive web design أو تصاميم الويب المتجاوبة.
- المراجعات التي أحدثتها قوقل و مايكروسوفت في هذا السياق و تبنيهما التصاميم المتجاوبة و المسطّحة على نطاق واسع.
تصاميم الويب المتجاوبة Responsive web design
التصاميم المتجاوبة باتت ويوما بعد يوم تدخل ضمن الممارسات المعتادة في عالم تطوير الويب، التصميم المتجاوب أو responsive web design يعني ببساطة إتاحة عملية عرض موقعك على كافة المتصفحات وبكافة مقاسات الشاشات الممكنة. العديد من المواقع التقليدية باتت تعرض نسخا للهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية لتيسير الوصول من كافة الأجهزة و المنصّات.التصاميم المتجاوبة تجذب العديد من المصممين خاصّة المتحسّسين منهم من التصاميم المعقّدة.التصاميم المتجاوبة تتطلّب استخدام عناصر تسمح بسلاسة معتبرة عند تعديل الكود بما يسمح بعرضه على كافة مقاسات الشاشات، وهو ما يعني تفضيل العناصر الشعاعية Vector Components على الصور النفطية bitmap images، هنا أصبح الرهان أكبر على التصاميم المسطحّة ليس لتوظيفها الأشكال الشعاعية فحسب بل ايضا لأنّها تتيح تطويرا سريعا وسهلا نسبيا وهو ما جعلها تستقطب العديد من المصممين خاصّة المتحسّسين منهم من التصاميم المعقّدة.
ويندوز8 وإعادة تصميم واجهات قوقل
أواسط السنة الماضية قامت قوقل ووفق ماكان منتظرا بإعادة تحديث واجهاتها نحو التصاميم المسطحة لخدماتها المختلفة وهوا ما لاقى ترحيبا معتبرا من أوساط المتابعين، مايكروسوفت لم تتخلّف كثيرا عن هذا النسق و أعلنت بعدها عن واجهتها الجديدة لنظام التشغيل ويندوز8، الشيء المشترك بين هاتين الواجهتين هو الذي أوجد القاعدة الحقيقية للنزعة المتزايدة نحو التصميم المسطّح، بالحديث عن فلسفة هذا التوجه فقد كان شعارا هامّا وهو أنّ “المعلومة تأتي أوّلا’، وأنّ ما يهمّ حقيقة المستخدم ليس ذلك الإنبهار الأوّلي لكن خاصة ما يعرضه التطبيق/الواجهة من بيانات تهمّه، لقد كان للخطوط الرقيقة على الجوانب والتدرّج اللوني الهادئ واللطيف اثره العميق في نفوس المستخدمين حتى أصبح معيار الجمال الحالي في الويب هو مدى توظيف مبادئ هذه الفلسفة.السؤال الملحّ حاليا كان: مالذي يضمن عدم اندثار هذا الأسلوب التصميمي كما اندثر سابقوه وبذلك الشكل الدراماتيكي؟ دعونا أوّلا نعرّف ماهية ‘النزعة’.
النزعة في تعريفها زائلة!
لو حاولنا أخد التعريف المستخدم في عالم الموضة لكلمة “نزعة” سنجد أنّها تعني ارتباطها بأذواق الناس خلال فترة ما من الزمن، أي حتمية زوالها بنص التعريف نفسه، النزعات تختلف من جيل لآخر ويصعب أن يشترك فيها أكثر من جيلين عى الأكثر، غنيّ عن الذكر أن عالم الويب يتسارع بوتيرة أعلى بكثير من عالم الموضة النمطي. الــskeuomorphisme مثال صارخ عن ذلك.ربما الضمان الوحيد لاستمرارية هذا النزعة و إطالة امدها هو ارتباطها المباشر باستراتيجيات التطوير الحالية في عالم الويب وتناغمها مع متطلّبات السوق وبخاصة سهولة تجاوبها مع مختلف الشاشات.
مواقع أكثر رشاقة!
التوصيات المعتادة في عالم الويب هي محاولة تخفيف الأحمال على الزائر بتضمين ملفات صور وجافاسكربت أقلّ لتحميل أسرع للصفحات، التصاميم المسطّحة بحضورها لم تدفع لتبني توصيات جديدة حيث أنّ تواجدها سهّل بالفعل عملية التطوير وساهم في حذف أجزاء هامة من الشيفرة المصدرية لتطبيقات الويب خاصة المتعلق منها بالتصميم و العبارات الشرطية لتجاوبه مع مختلف منصات التشغيل. وبخاصة الهواتف الذكية أين يكون تدفق الانترنت غالبا أبطئ مقارنة بنظيره في الأجهزة المكتبية.قد تكون النهاية للتصميمات النقطية Design bitmap
هنالك حديث متزايد في أوساط المصمّمين عن الانحسار المتزايد لفكرة التصميم النقطي مثلما يوفّره الفوتوشب مثالا وذلك لصالح التصميمات الشعاعية، أو تلك التي تسمح ببناء البيكسل انطلاقا من خوارزميات معينة، الحديث لم يصل حدّ الضجيج، لكن استخدام التصاميم المسطّحة قد يحمي تطبيقك ضد أي تطوّر متحمل نحو هذا الإتّجاه.التصميم البسيط يخلد!
لعل من أبرز الاسباب التي سمحت ببقاء الخط Helvetica مدّة 60 سنة وحتّى يومنا هذا كان البساطة التي بني بها، وهوا ما سمح له بأن يبرز ضمن مختلف السياقات التي وضع بها، كذلك الحال مع التصميمات المسطّحة، المصمّمون ينزعون للقول بأنّ هذا النوع من التصميمات يدوم أطول مقارنة بسابقيه، يمكن أن يصمد ككسوة لموقع ما مدّة سنتين وهي مدّة معتبرة بلا شكّ.تصميم أسرع!
من الناحية العملية فإنّ تصميم زر ما بتقنية التسطيح أيسر بعديد المرّات مقارنة بالتصميم بمبدأ المحاكاة الفيزيائي للأجسام “Skeuomorphisme”، تصميم زر مستطيل مع لونين مختلفين لا يقارن بإنشاء نفس الزر مع مؤثّرات الأضواء أو الخلفيات المتشعّبة.مع ذلك فإنّ عملية التخطيط نفسها لشكل التصميم المسطّح تأخذ وقتا اطول، على أنّه وبمجرد الانتهاء من ذلك فلن يحتاج الأمر مهارات استثنائية بالنسبة للمنفّذ وقد يؤثّر هذا على شكل المجموعات والفرق التي تعمل على التصميمات حيث يمكن أن يتحوّل توزيع المهام إلى شكله الأفقي بدل العامودي.
خلاصة القصّة..
التصميم المسطّح ليس في واقع الأمر نزعة جديدة و لا خالدة، التطوّر السريع لمنصات الويب المختلفة والتقاء ظروف عدّة سمحت بإعادة إحياء هذا التوجّه، مع ذلك تظّل تحديّات عديدة لجمهور المصمّمين من قبيل تشابه المواقع لبساطتها المفرطة وهو ما قد يدفع بظهور توجّهات جديدة أكثر تطرّفا، التوجّه القادم هو بلا شكّ في مكان ما من الارجاء و ينتظر دوره ليلفت انتباه جمهور المصممين، ليس علينا سوى إنتظار بعض الوقت حتى تنفجر هذه النزعة لتشكل دورة حياتها من جديد!مواضيع ذات صلة:
0 التعليقات